الملك والملكة والجاك...لبسوا سعودي

…بلوت، باصرة، كوتشينة
أسماء تنطق بها الذاكرة قبل اللسان، مرتبطة بلحظات الأُنس ولمّات السمر، ومسرح صغير لصراعات الملوك والجنود، على طاولة لا تعرف سوى الحظ والدهاء
لكن، ماذا لو تغيّر شكل هذه الأوراق؟ لو لبس الملك الدقلة، وتوشّح الجاك عباءة البرقاء، وتزيّنت الملكة بحُلي حجازية؟
في هذا العمل الفني، تتحول أوراق اللعب إلى مساحة تُعيد رسم الهوية بطريقة غير تقليدية، تمزج بين الخيال والذاكرة، وتستبدل الرموز العالمية بملامح منّا وفينا

بـشـت الـبـرقـاء

صورة لزيّ بشت البرقاء الأصلي في متحف الدرعية

تظهر في الصورة التالية رسمة لشخصية رجل المنطقة الوسطى، حيث يرتدي الرجل بشت البرقاء وهو زيّ تقليدي، يُحاك يدويًا من صوف الماعز ويكون مفتوح من الأمام، واسع العُرض والأكمام. كان يُرتدى شتاءً للدفء، ومن أبرز من ارتداه الإمام عبدالله بن سعود – رحمه الله

الزبون مع ثوب داير ومنثور​

صورة لزيّ الزبون مع ثوب داير ومنثور الأصلي

تظهر في الصورة التالية رسمة لشخصية النساء في المنطقة الغربية، حيث يرتدين الزبون الذي يُصنع من قماش الستان أو القز الهندي، ويُرتدى كقطعة داخلية للثوب الداير والمنثور الذي تزيّنه نقوش نباتية تتوزع على كامل الزي. ويرافقها غطاء رأس يُسمى محرمة ومدورة

ثوب الزبون والدقلة

صورة لثوب الزبون والدقلة الأصلي

تظهر في الصورة التالية رسمة لشخصية رجل المنطقة الشرقية، حيث يرتدي ثوب الزبون، وهو عبارة عن رداء طويل بأكمام للرسغ وفتحة أمامية بأزرار، أما الدقلة فتشبهه لكنها بياقة عالية مُغلقة، وتُعرف بـ"البدلة"، ترتدى في المناسبات الرسمية والاجتماعية

الأزياء التقليدية في المملكة لم تُصنع فقط لتُلبس، بل لتُبهِر، وتُحدّث، وتوثّق، كانت فنًا يُمارس يوميًا على هيئة ملبس، تتقاطع فيها الحِرفة مع الذوق، والهوية مع الفن، نسجها أجدادنا بخيوط دقيقة ومعانٍ عميقة، وهي اليوم أكثر من إرثًا يُحفظ، بل مادة حيّة قابلة للتطوير والإبداع المستمر

وهنا تأتي مسؤولية المصمم اليوم: أن لا يكتفي بإعادة إنتاج الماضي، بل يستلهم منه ليبني عليه، ويحوّله إلى قوة اقتصادية وثقافية. فصناعة الأزياء اليوم لم تعد تقتصر على تقديم قطعة جميلة، بل باتت بابًا واسعًا للتعاون مع قطاعات متعددة كالفن البصري، والسينما، والتقنيات الرقمية، ما يفتح فرصًا استثمارية جديدة ويعزز من حضور المصمم كمبتكر وصانع محتوى ثقافي

من هذا المنطلق، جاء هذا العمل الفني الذي يعيد تخيّل أوراق اللعب من خلال الأزياء التراثية السعودية، بإبداع الفنان فيصل الخريجي، وبدعم من الصندوق الثقافي، ليُجسد كيف يمكن للجمال الكامن في الزيّ أن يتحوّل إلى مشروع فني معاصر، يجمع بين الرؤية، والهوية، والفرصة
وظّف الخريجي أسلوبًا بصريًا يجمع بين التكعيبية بخطوطها الهندسية الحادة، والسريالية بأبعادها الخيالية، ليُعيد تشكيل شخصيات أوراق اللعب ضمن سياق تراثي سعودي يُبرز تنوّع الأزياء المحلية وثراء تفاصيلها

أوراق اللعب من عمل الفنان فيصل الخريجي بالتعاون مع الصندوق الثقافي

هذا العمل ضمن سلسلة من تعاونات الصندوق الثقافي الفنيّة لدعم الإبداع والمبدعين، وتأكيدًا على التزامه بتمكين الفنانين المحليين وتعزيز حضورهم كرافد أساسي من روافد الثقافة السعودية. ويأتي ذلك ضمن إطار أوسع يعمل فيه الصندوق على تطوير 16 قطاعًا ثقافيًا، من خلال حزمة متكاملة من الحلول تشمل التمويل، القسائم، الاستشارات، وبناء القدرات. مبادرات لا تكتفي بتوفير الدعم، بل تصنع بيئة خصبة للتعاون بين المصممين والفنانين، حيث يتحوّل التراث إلى محتوى إبداعي، وتتحوّل الفكرة إلى مشروع ثقافي حي

فريق التحرير: هاجر مبارك، وجدان المالكي، بلسم الغشام، سفر عياد

منسوج، لكل ما يخُص قطاع الأزيـاء المحلي

Reply

or to participate.