⛔!ناقوس الخطر للعلامات المحلية

الميدان ياحميدان

انتهى عام ٢٠٢٤ بما له من إيجابيات كثيرة وسلبيات قليلة في مجال الأزياء السعودية. كان عاماً حافلاً كما اعتدنا في السنوات الأخيرة، وهنا يجدر بنا التركيز على كلمة "اعتدنا". كان أسبوع الرياض للموضة شاهداً على تقدم القطاع بشكل واضح، حيث شهدنا تطوراً كبيراً في سنة واحدة. ويُعتبر مجتمع الأزياء في المملكة هو نجم هذا الأسبوع، سواء من حضر، أو لم يحضر، أو من لم يُدْعَى للأسف. وسنتناول هؤلاء لاحقاً

صورة من تصوير عبدالله الخريف لعرض دولتشي وغابانا في الدرعية بالرياض

على الرغم من كل ما حققه القطاع، إلا أنني شعرت بغياب شيء ما، لا أستطيع تحديده، لكنه شعور ملح وغامض. هذا الشعور دفعني إلى تأجيل مقالي الأول مع منسوج لعدة أشهر، حيث كنت مصمماً على العثور على هذا العنصر المفقود. رغم أنني لم أنجح في إيجاده، إلا أن هذا التساؤل فتح أمامي عدة نوافذ هامة يجب استكشافها، وقد تقودني إلى اكتشاف سر هذا الفراغ الذي ألاحظه في عالم الأزياء السعودية

صورة من عرض إيلي صعب في الرياض

توالت الأحداث والمناسبات بعد أسبوع الموضة، حيث كانت هناك رحلات ودعوات لتغطية وإطلاق المجموعات الجديدة لعلامات تجارية عالمية. بدأت رحلتي مع بوتيغا ڤينيتا تزامنًا مع أسبوع دبي للفنون، ثم إيڤ سان لوران إلى دبي، تلتها احتفالية عرض إيلي صعب في الرياض. بعد ذلك، توجهت إلى باريس لاستكشاف مجموعة الكوتور الأخيرة للمصمم هادي سليمان قبل تغيير مصمم الدار إلى مايكل رايدر. وختامًا، حضرت حفل دولتشي آند غابانا في الرياض، حيث صُمِّمَت مجموعة خاصة بالمملكة العربية السعودية احتفالًا بافتتاح البوتيك في الدرعية 

من تصوير عبدالله الخريف

من تصوير عبدالله الخريف لعرض بوتيغا ڤينيتا في دبي

بمناسبة الفعاليات والرحلات والدعوات، كانت جميع هذه النفقات مغطاة من قبلهم، ولم أتحمل أي تكاليف مالية لأتمكن من استكشاف تشكيلة إيف سان لوران الرجالية الجديدة، أو لتجربة خدمة العملاء في دار سيلين والتعرف على تميزهم مقارنة بباقي الدور. (فهذا النوع من التجربة يعتبر درساً ومقالاً في كيفية جذب العملاء!)

من تصوير عبدالله الخريف لدار سيلين في باريس

ما علاقة كل هذا بما ذُكِر في بداية المقال؟ في الحقيقة، أدركت أنني ارتكبت خطأ قد يقع فيه الكثيرون، وهو أننا بشكل غير مقصود نفصل بين قطاع الأزياء في المملكة والقطاع العالمي. كنت أبحث عن سر معقد لفهم الفجوة التي أُشِير إليها في بداية المقال. لكن من وجهة نظري، التي يمكن أن تتقبل النقد أو التأكيد، يبدو أن قطاع الأزياء يعاني نقص بعض العناصر الأساسية التي توجَد في أي تجارة كانت. وهذا يفتح المجال للتركيز على تحليل المنظومة المحلية. إنها فكرة بسيطة للغاية، لكنني أدرك صعوبة تطبيقها، ولهذا السبب يجب أن تُذكر

على سبيل المثال، لاحظت خلال أسبوع الموضة غياب العملاء، وهو العنصر الأساسي في أي تجارة. لا أقصد هنا أصدقاء المصممين وأفراد عائلتهم، بل التعامل مع جميع فئات العملاء، بدءًا من الزبائن العاديين والمخلصين للعلامات التجارية السعودية، إلى أصحاب المحلات التجارية والمستأجرين للبوتيكات. هناك أيضًا العديد من الجهات الأخرى التي يجب أن تساهم في تعزيز صناعتنا، مثل وزارة الصناعة. يتوجب على هذه العناصر النهوض بالقطاع للمساهمة في زيادة الدخل غير النفطي

نحتاج أيضًا إلى تطوير الجانب البديهي الذي ينبغي أن يبدأ بالتشكل حالياً، وتغيير ما "تعودنا" عليه في قطاع الأزياء السعودي. يجب على العلامات التجارية السعودية الانتقال إلى الواقع من خلال فتح متاجر فعلية، وأن تتواجد في الأسواق الحقيقية، وليس فقط على منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت

يجب علينا تعزيز الإعلانات الحقيقية في الصحف والمجلات والشوارع، وفي كل مكان آخر. لقد تخطينا، أو ينبغي علينا تجاوز، مرحلة الإعلانات المنبثقة ووسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام. لم تدعني بوتيغا فينيتا لـ(سواد عيوني)، كما يُقال في مثلنا الدارج، ولم تتحمل سيلين تكاليف رحلة ٣ أيام إلى باريس إلا لأن تلك العلامات التجارية تدرك التحديات التي يواجهها قطاع الأزياء اليوم وأهمية وصول العلامة التجارية إلى العميل بدلاً من العكس

من تصوير عبدالله الخريف لعرض دولتشي وغابانا في الدرعية بالرياض

هذه المبادرات التي قدموها لي لم تكن موجودة سابقًا، ولكنها أصبحت الآن ضرورية. فقد زادت العلامات التجارية العالمية من اهتمامها بالعملاء في منطقة الشرق الأوسط بعد تراجع مبيعاتها في أوروبا والصين وأمريكا. وباتت استراتيجيات جذب العملاء أكثر فاعلية. وباختصار، فإن قطاع الأزياء في المملكة سيواجه منافسة قوية الآن من الأسواق العالمية على عميل العلامات الفاخرة، مما يستدعي من المصممين إدراك أن التحديات ستزداد، خاصة في مجال العلامات الفاخرة. ولكن المستقبل يبدو واعدًا، فالمنافسة تعتبر عنصرًا إيجابيًا لتطوير أي قطاع

وختامًا، أدعوكم إلى معرض (عوالم منسوجة) الفني في الرياض بتاريخ 19 يناير وحتى 21 يناير، وهو استكشاف للمساحات التي يلتقي فيها الفن بالتاريخ، وكيف أصبحت الأزياء شاهدة على تغيير المفاهيم؟ وكيف تتحرك الطيات لتروي قصص الهوية والانتماء؟

Reply

or to participate.