- نشرة منسوج
- Posts
- لماذا لم يتمسك السعوديون بالأزياء التقليدية؟
لماذا لم يتمسك السعوديون بالأزياء التقليدية؟
نشرة منسوج
كل عام والوطن بخير بمناسبة يوم التأسيس
ربما أكثر شيء يميز يوم التأسيس هو فعالية «لبس الزي السعودي» نرى الكثير من السعوديين يعبرون عن احتفالهم بهذه المناسبة من خلال أزياء تقليدية مثل العقال المقصب للرجال أو الفساتين النسائية ذات التطريز الجميل. كل هذه الأزياء ليست غريبة علينا أو لنقل «أننا لم نفقدها» لأننا لازلنا نسلب نفس ملابس أجدادنا مع تغييرات طفيفة جدًا في الثوب السعودي. لكن الشماغ والعقال والدقلة والبشت الحساوي جميعها حاضرة نتوارثها وللنساء أيضا زيهن الخاص الذي لم يتغيّر. هذه الهوية في اللباس لم تُفقد. تخبرنا رهف القنيبط عن «سر بقاء هذه الهوية الوطنية» ولماذا لم نفقدها

لماذا لم يتمسك السعوديون بالأزياء التقليدية؟
كل قطعة نرتديها تحكي قصة، وكل خيط يُطرَّز يُجسد ماضينا عبر التاريخ، كانت الأزياء جزءًا من الذاكرة الجمعية للشعوب، بعضها حملها كدرعٍ ضد محاولات الطمس، وبعضها ظل محافظًا عليها كامتداد طبيعي لتراثه. وفي السعودية لدينا كنوز من الأزياء، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان ارتداء البشت، الذي نشأ في الأحساء، تقليدًا أساسيًا لكل رجل، فلم يكن يخرج بدونه، ومع مرور السنين، تراجع استخدامه في الحياة اليومية، ليصبح مقتصرًا على المناسبات الرسمية، بينما أصبحت الغترة والشماغ هي القطعة الأساسية التي يحرص الرجال على ارتدائها عند الخروج من المنزل.
ولدعم هذه الصناعة محليًا؛ كانت الأقمشة تُستورد من مختلف دول العالم من الحرير الهندي الذي أضفى فخامة على الأثواب، إلى الأقطان المصرية التي شكلت أساس الملابس اليومية، وحتى قماش "مريكن" المستورد من أمريكا، والذي كان رائجًا في تفصيل الثياب الرجالية. وبالرغم من استيراد الأقمشة، بقيت الأزياء سعودية في روحها، حيث كانت الخياطة والتصميم محليًا، مما أتاح لها مزيجًا بين الجودة العالمية والهوية السعودية الأصيلة
وفي حديثها لنشرة منسوج، قالت الدكتورة «ليلى البسام»: «لم تعرف أرض الجزيرة العربية الاستعمار، ولم تُفرض عليها هويةٌ دخيلة تجبرها على مقاومة ثقافية شرسة. بل على العكس، كانت السعودية مصدرًا لأزياء تجاوزت حدودها لتصبح جزءًا من المشهد العربي العام» والدكتورة ليلى البسام هي أكاديمية وخبيرة التراث المحلي تعمل كأستاذة في تاريخ الأزياء والمنسوجات التقليدية في جامعة الأميرة نورة. وشاركت في تأليف عدد من الكتب عن تراث الأزياء، منها كتاب "الأزياء التقليدية السعودية"، الذي يوثق تاريخ الأزياء المحلية ويبرز تفاصيلها الدقيقة
والشيء اللافت في استمرارية الأزياء السعودية، يعود إلى أنها جزءًا متأصلًا من الحياة اليومية، يتكيف مع الزمن دون أن يُفرض عليه البقاء أو يضطر للصمود. بينما حاربت بعض الشعوب لحماية ثقافتها من الاستعمار، لم يكن السعوديون بحاجةٍ إلى ذلك، فقد بقيت ثقافتهم حية ومتجذرة دون أن تواجه خطر الاندثار. ويؤكد على ذلك الكاتب عبدالعزيز الصويغ: «الزي التقليدي هو جزء من الفولكلور الوطني السعودي، وبالتالي، يُعد جانبًا مهمًا من تراثنا الثقافي»
وبالمقارنة مع دول مثل الهند والجزائر، أصبحت الأزياء جزءًا من الصراع ضد محاولات التغيير القسري. واجه الهنود الاستعمار البريطاني الذي حاول طمس هويتهم، فكانت أزياء الساري و الكورتا مزين لمقاومة ثقافية صامتة. كذلك، في الجزائر، سعت فرنسا لفرض ثقافتها ولغتها، لكنها اصطدمت بشعب تمسك بزيه التقليدي كجزء من هويته الوطنية، فظل القفطان الجزائري والحايك رمزًا للمرأة الجزائرية، بينما ظل البرنس لباسًا يميز الرجال. أما في السعودية، فلم تكن هناك حاجةٌ لمثل هذا المقاومة لأن الأزياء لم تكن مهددة بالزوال، ولم تكن جزءًا من معركة ضد طمس الهوية. التحول إلى الملابس العصرية لم يكن نتيجة فرضٍ خارجي، بل خيار طبيعي يعكس تطور المجتمع مع الزمن
رغم مطامع القوى الاستعمارية، وخاصة بسبب المكانة الدينية لمكة والمدينة المنورة، لم تقع السعودية تحت الاحتلال. لم يكن الأمر مجرد صدفة، بل نتيجة لعوامل عدة. يشير المؤرخ الدكتور راشد العساكر إلى أن العلاقة القوية بين الأسرة السعودية وأهل الحل والعَقّد، إضافةً إلى الترابط العميق بين القيادة والشعب، شكّلت درعًا منيعًا ضد أي محاولات خارجية للسيطرة
مع تسارع التغيرات بدأ الزي التقليدي يفقد مكانته في الحياة اليومية، لكنه لم يختفِ، بل استمر في المناسبات والاحتفالات. ومع انطلاق رؤية السعودية 2030، عاد الاهتمام بالهوية التراثية، وبدأ الشباب السعودي في إعادة إحياء الأزياء التقليدية بأسلوب عصري. حيث نجح المصممين السعوديين في إعادة تعريفها ونشرها بروحٍ تعكس الذوق السعودي المعاصر. لا سيما في مجال العبايات، على سبيل المثال، تبرز اليوم عباية البشت كإحدى التصاميم الرائجة في المملكة، رغم أنها كانت في الأصل الزي الرسمي للرجال. استطاعت علامة أباديا أن تعيد تقديمه بأسلوب عصري ضمن مجموعة رمضان والعيد 2024. من جهة أخرى، استلهمت المصممة السعودية منى الشبل من نقوش الحنا التي تتزين بها النساء في منطقة نجد عبر الأجيال، وقدمتها بأسلوب فني ضمن مجموعتها الأخيرة في أسبوع الموضة في الرياض. بذلك تبقى الأزياء السعودية تراث متجدد، يجمع بين الأصالة والابتكار، ليحافظ على هويته عبر الأجيال
مصطلح_اليوم#

.البجاد وجمعها بُجُد، هو ما كان يُعرف في التراث العربي بالعباءة أو المشلح الأبرق، أو البرقاء
.ويُعرف بتصميمه المخطط بالأبيض والأسود، ويُصنع من مواد طبيعية مثل وبر الإبل وصوف الغنم
ويشتهر في منطقة نجد والحوطة في السعودية حيث يُحاك فيها، ومُشتق من اسم نوع من الأغنام يُسمى البرقاء أو البرقاوي، فقد ذكر امرؤ القيس النجدي البجاد في شعره قائلاً
«كأن ثبيرًا في عرانين وبله كبير أناس في بجاد مزمل»
:🛍توصيات تسوق لأزيـاء يوم التأسيس

فريق التحرير: رهف القنيبط، بلسم غشام، وجدان المالكي
عندك اقتراحات؟ تواصل معنا على البريد الإلكتروني
منسوج، لكل ما يخُص قطاع الأزيـاء المحلي
Reply